توصيات مؤتمر جنوة 1922 م
مقدمة :
الانسان من طبيعته إجتماعي ولا يستطيع العيش بمفرده او بمعزل عن الآخرين, ومن جراء هذه الطبيعة الانسانية تحتم عليه أن يخالط ابناء جلدته من محادثة أو معاملة, ومن هذه المعاملات التجارية ,ومن تباين البشر قوة وضعفًا تفكيرًا ومتانة جسدية تتباين ايضًا تحصيلاتهم المادية,ومنهم من يملك شيئًا لا يملكه الآخر وكلاهما بحاجة الى ما يملكه الاخر....
مؤتمر جنوة 1922 :
وهكذا بدأ الناس منذ القدم بتبادل السلع فيما بينهم ,ونشأ مفهوم المقايضة, ومع تقدم الانسان واكتشافه المعادن استعاض عن المقايضه بتبادل السلع مقابل هذه المعادن,فقد سكت النقود الحديدية والنحاسية الى أن استقر العرف العام على استعمال الفضة والذهب في تبادل السلع (وخاصة الذهب) وذلك لعدة أسباب:
1.بريق ولمعان الذهب الذي ألهب القلوب والابصار في ضيائه,
2.ندرته مقارنة مع غيره من المعادن ,
3.سهولة تشكيله لليونته,
4.عدم تغيّره وصعوبة تأثره بالعوامل الخارجية من أكسدة وغيرها.
وأصبح التعامل النقدي منذ تلك العصور على أساس الزاوية المعدنية والوحدة النقدية تعني "قطعة من المعدن الثمين ولها وزن معين مسكوكة ومختومة من قِبل السلطة وتستعمل في العمليات التبادلية".
يقال أن الدولة البزنطينية هي اول من سك الوحدة النقدية الذهبية والفضية,وجاء الاسلام وأقر استعمال النقود التي كانت متداولة بين الناس سواء أكانت من ضرب الفرس ام الروم ,منقوشة كانت او غير منقوشة لأن الاعتبار كان لوزنها وليس لشكلها ولأن الاسلام ربط احكامًا شرعية باعتبار وزن الدينار(الذهبي) والدرهم(الفضي),وحدد الشرع وزناً(شرعيًا) لكل من الدينار والدرهم,فكان الدينار =4.25 غرام من الذهب,والرهم=2.975 غرام من الفضة, ومن أهم هذه الاحكام الشرعية:
1.أوجب الله سبحانه وتعالى زكاة النقد وحددها في الذهب والفضة وعين لها نصابًا في الذهب والفضة,(في كل عشرين دينارا نصف دينار,وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم).
2.وفي العقوبات,حيث ان الشرع حدد نصاب القطع في السرقة(لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدًا).
3.نهى اللهُ عزوجل عن كنز الذهب والفضة (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم),باعتبار ان الذهب والفضة نقدين ولا يجوز كنزهما وعدم إخراجهما الى التعامل والتبادل.
4.وفي القصاص,حيث أن الاسلام حدد مقدار الدية من الذهب,(وعلى أهل الذهب الف دينار,(جعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنتي عشر الفاً اي من الدراهم).
واستمر المسلمون في استعمالهم الذهب والفضة مضروبة وغير مضروبة فارسية ورومانية حتى مجيئ الخليفة عبد الملك بن مروان وضربة النقد الاسلامي لاول مرة في التاريخ وكان ذلك في سنة 75 هجرية وجعل الدينار الاسلامي والدرهم الاسلامي على وزن اهل مكة حسب ما مر سابقًا ,ومنذ ذلك التاريخ وجدت دنانير اسلامية ودراهم اسلامية واصبح للدولة الاسلامية نقداً معرفاً متميزًا.
وبقي هذا التعامل النقدي الثنائي (الذهب والفضة)حتى اواحر القرن التاسع عشر حيث زالت تقريبًا الصفة النقدية عن الفضة وبقي الذهب سيد الساحة النقدية واستمر الذهب في تفرده النقدي الى ما قبيل الحرب العالمية الاولى حيث علقت الدول المتحاربة هذا التعامل النقدي بسبب ظروف الحرب وقامت بإصدار اوراق نقدية غير الزامية .
واستمر هذا الوضع الاقتصادي وخاصة النقدي في العالم على هذا النمط طيلة سنوات الحرب,وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وفي عام 1922 عقدت الدول مؤتمر جنوة تمهيدًا للرجوع الى القاعدة الذهبية في التعامل النقدي ولكن لسوء الاوضاع الاقتصادية للدول التي شاركت في الحرب وخروجها منهكة من ويلات الحرب قامت ببعض التعديلات على بتود الاتفاق,حيث جعلت تبديل الاوراق النائبة غير ميسور للافراد الا بقيمة معينة من الذهب عرفت كحد ادنى وويصل وزنهiالى 12كيلو غرامًا من الذهب على شكل سبيكة وهي كمية كبيرة بالنسبة الى الافراد,وبهذه الطريقة أخرج الافراد من اللعبة النقدية وحُصر فقط في التجارة الخارجية وفيمن يملك المال الكثير .
الا أن هذه الاتفاقية لم تنل قسطها من الحياة لبزوغ علامات الحرب العالمية الثانية, وبالتحديد في عام 1929 حيث يدأت اسعار السهم في الانهيار الى ادنى قيمة مما دفع المتعاملين بها للتخلص منها عن طريق البيع مما ادى الى عجز الدولة عن تبديل النقود الورقية بالذهب فقررت تعليق تبديل الذهب وكانت بريطانيا اولى الدول التي انتهجت هذا السبيل في عام 1931 ثم تبعتها امريكا عام 1933,وفرنسا عام1936 ,وبقي الامر معلقًا هكذا طيلة الحرب العامية الثانية .
وبعد انتهاء الحرب وفي عام 1944 دعت امريكا حلفاءها الى عقد مؤتمر في بلدة بريتون وودز في الولايات المتحدة لاعادة ربط الذهب بالاوراق النقدية ولكن على منهج جديد.
توصيات مؤتمر جنوة :
(1) يجب على الدول الاعضاء ان تثبت سعر الصرف لنقدها مع غطاء من الذهب والدولارات القابلة للتحويل الى ذهب وتفاوت في سعر الصرف بمعدل 1%,وفي حالة عدم احترام هذا البند يحق للدول الاخرى التدخل لاعادته.
(2) يجب على الدول الاعضاء ربط نقدها بالذهب وتحديد وزن معين من الذهب الصافي لوحدتها النقدية ولكن لا حق للافراد في تبديل الاوراق النقدية بالذهب,وكما اشترطت امريكا ان يكون الدولار وحدة له الحق في تبديل الذهب بالنسبة الى الارصد الخارجية , وقد اتخذت امريكا هذا القرار لسببين:
1.كان لامريكا نصيب الاسد من الارصدة الذهبية في العالم بقيمة(25) مليار دولار من اصل (38) مليار دولار.
2.جشع ورغبة امريكا في السيطرة الاقتصادية والسياسية على العالم ,وذلك ان الدول الاوروبية خرجت ضعيفة اقتصاديا وسياسياً وكثير منها بحاجة الى امريكا لاعادة نشاطها وقوتها الاقتصادية والسياسية,وكانت امريكا قد حددت سعر الصرف الرسمي للدولار بالذهب بقيمة(35) دولار للاونصة الواحدة.
3.(وهنا الطامة الكبرى):حيث قرر المؤتمر انشاء مؤسستين دوليتين وهما:
1.صندوق النقد الدولي ,ووضعوا له اغراض منها:تحقيق الاستقرار النقدي الدولي,وتحقيق ثبات سعر الصرف .
2.البنك الدولي ومهمته الانشاء والتعمير ومساعدة الدول المتخلفة اقتصادياً,وتقديم القروض والضمانات.وهو مقصور على اعضاء الصندوق
وفي كلا الحالتين فان الهيمتة الامريكية بارزة فيهما,ففي الاول كان رصيد امريكا اكبر ما يمكن وكان بنسبة (27.3%) وفي الثاني فلها اكبر عدد من الاصوات.
هذه نبذه عن تطور الاحداث النقدية حتى ذلك التاريخ,واستمر على شاكلته هذه الى أن اعلنت امريكا الغاء مؤتمر بريتون وودز وقراراته والغاء قابلية تحويل الدولار الى ذهب بقرار خرج به رئيس الولايات المتحدة الامريكية(نيكسون) في 15 /8/1971.
وهكذا انقضت حقبة من عمر النقد المعدني.
وظهرت الاوراق النقدية التي نتعامل بها في ايامنا هذه.
ولا خلاص من هيمنة فئة قليلة على الأوضاع الإقتصادية في العالم إلا بإعادة نظام النقد المعدني.
الخلاصة :
المؤتمر الذي عقد في جنوا جنوا ، إيطاليا في عام 1922 من 10 ابريل الى 19 مايو. في هذا المؤتمر ممثلو 34 بلدا عقده للحديث عن الاقتصاد النقدي في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، وكان الغرض من وضع استراتيجيات لإعادة بناء وسط وشرق أوروبا بعد الحرب ، وأيضا للتفاوض على وجود علاقة بين الاقتصادات الرأسمالية الأوروبية ، والجديد في الاقتصاد الروسي الشيوعي (جورجي Chicherin).
من بين المقترحات التي تمت صياغتها في المؤتمر هو الاقتراح الذي جعل البنوك المركزية عودة جزئية إلى معيار الذهب. معيار الذهب قد انخفض الى طبع النقود لدفع ثمن الحرب. البنوك المركزية يريد العودة إلى الاقتصاد القائم على الذهب لتخفيف التجارة الدولية وتسهيل تحقيق الاستقرار الاقتصادي ، لكنها تريد شكلا من أشكال معيار الذهب أن "الحفظ" مخزون الذهب -- وهذا يعني أن الذهب لا يزال في خزائنها ، ويوما بعد يوم كانت المعاملات أجريت مع ممثل تلاحظ الورقة.
هذا يعود جزئيا إلى معيار الذهب كان ذلك عن طريق السماح للبنوك المركزية للحفاظ على جزء من احتياطياتها من العملات التي كانوا هم أنفسهم مباشرة للصرف العملات الذهبية. ومع ذلك ، فإن المواطنين في إطار هذا الجديد تبادل الذهب (المعروف أيضا باسم سبائك ذهبية الموحدة أو المشتركة بين الحرب معيار الذهب) لن تتلقى العملات الذهبية للعالم في مقابل مذكراتهم ، رغم أن هذا كان جزءا لا يتجزأ من الذهب الأصلي القياسية المعروفة الآن باسم الذهب العملة الموحدة.
تحت سبائك ذهبية قياسي ، من مواطني بريطانيا وبلدان أوروبية أخرى لا يمكن إلا أن استبدال الأوراق النقدية في لسبائك الذهب الكبيرة. الحانات وكانت هذه غير صالحة لليوم ليوم والمعاملات ، ولكن إلى حد كبير في تحقيق الهدف المتمثل في الحفاظ على الذهب في خزائن.
المراجع
• موسوعة بريتانيكا --
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] • والاستقرار للجنة المشتركة بين الحرب تبادل الذهب --
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] • معهد لودفيغ فون ميزس --
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]